الجمعة، 24 مايو 2019

القاهرة ..


علاقتي بالقاهرة معقدة جدا .. أحبها وأخاف منها .. أظن أنها علاقتي بمصر في العموم .. منذ ما يزيد عن العشرة أعوام كنت أذهب مع صديقاتي إلى جروبي لنأكل الحلوى ونشرب الشاي، يبدو أمرا مضحكا أو يشبه أفلام فاتن حمامة وعماد حمدي ولكن "وسط البلد" بالنسبة لي مكانا دافئا جدا وشديد السعادة وأصبح الآن مليئا أيضا بالألم.. 

هذا تعقيد القاهرة تحديدا أسما ومكانا .. جميلة وأصيلة ودافئة ولكن الحزن يسكنها في كل جانب تماما كسيدة عجوز أنهكها الزمن ولكن قلبها مازال به نور خفي..
أصور دائما الحب كحديث طويل يدور بين أثنين في تمشية طويلة إلى آخر العمر .. وأتصور أيضا أن الحب يبنى ولا يحدث فجأة وجزء من بناءه الحديث الذي لا ينتهي أبدا ربما لأنني أقدر الكلام وأزنه وأعنيه حين أقوله.. لذلك أتخيل أنني إذا أحببت يوما سنذهب في تمشية طويلة بين أحيائي المفضلة..
نأكل الأيس كريم في الزمالك ونمشي بلا نهاية نتحدث عن تفاصيل صغيرة لا تعني شيئا لأحد سوانا وربما لا تعني له هو أيضا شيئا ولكني سأحك له عنها وسيتظاهر أنه مهتم جدا وسأصدق أنا ذلك .. ونجلس على الرصيف في وسط البلد لنفكر كيف سنغير العالم الذي لن نغيره بالطبع ولكن سيكون لنا نظرياتنا الخاصة في حل كل تلك الصراعات بين البشر وسنعلن للشارع الخالي من الناس أن كل الآخرين أغبياء فهم لم يصلوا إلى حل عبقري مثلنا.. وسنذهب إلى السلطان حسن وننظر إلى أعلى وأخبره أن هذا المكان يتصل قلبي فيه بالسماء رأسا دون حواجز ... وربما أيضا نتوه في شوارع الحسين والغورية التي لا أحفظها وسيثور هو وأضحك أنا.. 
سأخبره كم أحببت هذه المدينة وكم أبعدتني عنها سرعة الحياة فيها وثقلها وكأنها في صراع مع نفسها لا معي .. ربما هي تشبهه أيضا حين يخاف فيدفعني بعيدا جدا على عكس ما يريد.. وسأخبره أنني أخاف منها ومن قسوتها وأتوه أحيانا في تفاصيلها .. وسيسمع كل ذلك ويحبني مجددا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عن جدو ... إلى نسمة

قليل من الرجال يهدي امرأته بيتا .. يغريها به البيت ليس منزلا نحل به أو عليه .. ليس شقة، جزءا نقتطعه من المدينة ونضع له بابا.. البيت ليل .. ...