الاثنين، 24 ديسمبر 2018

أسبوعان في المستشفى

لماذا يجب على المستشفيات أن تكون باردة وقاتمة؟ طرقات طويلة لا نهائية يهيم الناس على وجوههم فيها وكأنهم لا يعرفون سبب مجيئهم لذلك المكان.. الكثير من المعاطف البيضاء والشباشب"الكروكس" غير الأصلية تسمع أصواتها وهي تختلط بالكثير من الأصوات غير المفسرة يحتار أصحابها مثل أي مهنة ترتبط بالبشر بين تعاملهم مع المرضى كحالات أو كإنسان ... نلتقي نفس الناس كل يوم فميعاد الزيارة محدد .. عيون حائرة لا تفهم كل تلك التعقيدات من كلام الأطباء بلغة أجنبية يحاولون فهم ما يحدث على قدر استطاعتهم باحثين عن أي مصدر للطمئنينة.. نتقابل يوميا في نفس الحيز الضيق وبنفس نظرات الترقب، بعد فترة سنألف بعضنا وعلى الأغلب عندما نلتقي في الخارج بعد ذلك سينظر أحدنا للآخر في محاولة لتذكر من أين يعرفه؟ ..

 عشرات الهواتف ترن بأصوات متشابهة والردود كلها إما شرح تعقيد جديد أو سؤال عن عرض ظهر .. نترك جميعا كل أمور الدنيا على باب المستشفى وكأنه اتفاقا ضمنيا أن هذا المكان مخصص لحديث واحد فقط وإذا تحدثنا في غيره سيكون أي أمر لا يعني لنا شيئا .. يصبح اليوم كله هو فقط ساعات الزيارة وكأن شيئا لم يحدث قبله أو أنه بدأ فجأة في الخامسة مساءا .. ينتهي اليوم عندما تنتهي الأخبار عن من يهمنا في غرفته البعيدة فلا جديد سيحدث حتى الصباح.. نعود فجأة لليوم الطبيعي بسرعته المألوفة خارج جدران المبنى الأصفر ..

اقود السيارة وأتذكر صديقنا أحمد وهو يحكي لنا قصة عن القط في مستشفى فارسكور .. ابتسم وأفكر لو أنني أملك نصف خياله كنت سأجد مئة حكاية اليوم ولكن كالعادة تتفلت الحكاية مني وأجد نفسي منهمكة في سرد توثيقي طويل شديد الخصوصية .. تعاد أحداث اليوم أمامي لقد بدى أحد الأصدقاء متجهما يبدو أن أمرا ما أهمه .. لقد غاب آخر هل هو بخير؟ .. هل كنت شديدة الغباء عندما قلت تلك الكلمة؟ .. لقد كان أختياري خاطئا ويبدو أنها تأذت .. أقرر إرسال عدة رسائل للأطمئنان والسؤال وتأكيد أنني لم أقصد ولأتأكد أن يوم الجميع مر بسلام .. على الأغلب سأصل إلى البيت وأقرر أن اليوم كان ثقيلا بما يكفي وأنني شديدة الحساسية وأن أحدا لا يحتاج تلك الرسائل .. وسأفكر مرة أخرى لماذا يجب أن تكون المستشفيات شديدة البرود والقتامة؟ ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عن جدو ... إلى نسمة

قليل من الرجال يهدي امرأته بيتا .. يغريها به البيت ليس منزلا نحل به أو عليه .. ليس شقة، جزءا نقتطعه من المدينة ونضع له بابا.. البيت ليل .. ...